علم العروض في ضوء الدراسات الصوتية ____☆☆_____المحاضرة (10 ) / بقلم أ. د. نبيل العريقي
بسم الله الرحمن الرحيم
من -- علم العروض في ضوء الدراسات الصوتية
الى -- صنعة الشعر في ضوء الدراسات النقدية لعلم اللسانيات
أ•د/نبيل العريقي
المحاضرة رقم 10
🔴🔴《《 الصور الشعرية 》》🔴🔴
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ثانيا -- أنماط الصور الشعرية :
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
2 -- نمط الصور الاستعارية :
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تعد الصورة الاستعارية ضربا من الخلق الفني من شانها ان تستثير المتلقي فتدفعه الى تلمس أوجه الارتباط بين《 المدلول القديم》 للألفاظ و《الجديد》 الذي يتولد منها ▪
ولذلك عدها نقادنا من افضل أنواع المجاز الذي يمثل محاسن الكلام إذا احسن استعمالها(1) •
حتى ان عبد القاهر الجرجاني اعجب بها وربما
فضلها على التشبيه بقوله :
{{ أعلم ان الاستعارة▪أمد ميدانا▪ و▪أشد افتنانا▪ و▪اوسع سعة▪ و▪ابعد غورا▪ و▪اذهب نجدا▪ في الصناعة الادبية وغورا من أن تجمع شعبها وشعوبها وتحصر فنونها -- ومن خصائصها انها تعطيك الكثر من المعاني حتى تخرج من الصدفة الواحدة عدة من الدرر وتجني من الغصن الواحد انواعا من الثمر وتجد التشبيهات عل الجملة غير معجبة ما لم تكنها ، ان شئت أرتك المعاني التي هي خبايا العقل كانها قد جسمت حتى راتها العيون }} (2)
فهي اذن -- تصويرية بطبيعتها لذلك فهي تختلف عما يسمى باللغة التجسيمية(3) •
أو تريك المعاني كانها قد جسمت حتى راتها العيون كما قال عبد القاهر الجرجاني •
وتعتمد الاستعارة على اللغة الإيحائية متجاوزة اللغة الدلالية لانها تنقل { العبارة عن موضع استعمالها في اصل اللغة الى غير الغرض}(3) •
فدلالة اللفظ فيها لا تتقيد بحدود معينة • كما انه في ضوء السياق الذي تتواشج فيه الألفاظ او ما يسمى (النظم) يحدث الاتحاد بين دلالة كل لفظة من الالفاظ •
ومن ثم تتوالد الاستعارة من اتحاد هذه الدلالات فتتشكل الصورة •
فالشاعر عندما (( يخلق استعارة اصلية يجسد شكلا قديما في مادة جديدة وهنا يكمن ابداعه الشعري )) (4) -- المصور بالكلمات وقد زخر الشعر العربي بالاستعارات • اذا اتخذ الشعراء من هذه الاستعارات وسائل لتشكيل صورهم الشعرية كاشفين من خلالها عن مشاعرهم وأحاسيسهم بازاء ما اعترضهم من مواقف انفعالية مختلفة •
ومن الصور الاستعارية قول عمرو بن معد كرب ساخرا من بني زياد (5)
((البحر الكامل))
أبني زياد أنتم من قومكم
ذنب ونحن أصول فرع طيب
لقد دفع الانفعال شاعرنا الى أحتقار هولاء القوم برسم صورة استعارية تصريحية عند استعار 《ذنب》 لمن ذمهم مدللا على نسبهم الوضيع تحقيرا لهم مصرحا بالمشبه به مع العلم ان دلالة هذه الصورة قد اتضحت من خلال اتيان الشاعر بجملتين شكلتا ثنائية ضدية بين هولاء القوم وقومه ذوي الاصل الطيب كما وصفهم •
وهذه صورة اخرة في معرض رثاء ملوك حمير رسمها احد شعراء بن سعد بن سعد الخولانيين ولم يرد اسمه مع جملة الشعراء الا نادرا جاعلا الشطر الأول كله استعارة تصريحية ومن الثاني استعارتين مكنيتين(6) •
((البحر الكامل))
كسفت نجوم من مقاول حمير
فينا وضاعت شمسها وبدورها
فالاستعارة التصريحية واضحة في قوله ((كسفت نجوم من مقاول حمير)) اذ شبه ملوك حمير الذين كانوا كالنجوم بجامع الشهرة والرفعة بكسوف هذه النجوم مصرح بالمشبه به معا على سبيل الاستعارة التصريحية ثم ردفها في الشطر الثاني باستعارة اخرى مكنية وهي قوله ((ضاعت شمسها وبدورها)) اذ شبه الشمس التى قصد بها ملوك حمير بشيء محسوس ملموس قد ضاع وحذف المشبه به وهو الشيء المحسوس الملموس وحاء بشيء من لوازمه وهو الضياع ومثله قوله (وبدورها) المعطوفة على ما قبلها وبذلك تشكلت اكثر من صورة جزئية نتيجة الاستعارات الثلاث ضمن صورة كلية هي صورة ملوك حمير •
الا ان كثيرا من الشعرأء شكلوا صورهم الشعرية باستعمال الاستعارات المكتية وهذه صورة شعرية اخرى في معرض المدح رسمها الشاعر حجية الكندي مستعملا اكثر من استعارة مكنية لتشكيل صورة متكاملة(7)
((البحر الطويل))
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت
لنورهم الشمس المنيرة والبدر'
لم يقتنع الشاعر باستعارة واحدة ليشكل منها صوره بل راح يعدد اﻹستعارات مستعرضا مقدرته التصويرية ففي قوله ((أضاءت لهم احسابهم)) استعارة مكنية شبه أحساب الممدوحين بمصابيح تضيء وحذف المشبه به وهو المصابيح وحاء بشء من لوازمه وهي الاضاءة على سبيل الاستعارة المكنية ومثلها بقوله ((تضاءلت الشمس)) حيث شبه الشمس بمصباح تضاءل نوره وكذلك في " البدر " المعطوف على الشمس • أن الصور الشعرية التي رسمها الشاعر بهذه الاستعارات اسهمت في تشخيص قوله " أضاءت " مما اكسب المعنى الذي تضمنه البيت بعدا دلاليا جديدا من خلال العلاقات اللغوية التي استطاع وضعها في قالب جديد اكدت ان الاستعارات وسيلة تنتقل فيها الكلمة من دلالتها الاصلية الى دلالة اخرى لا تتوافق معها الا بفعل تشبيه مضمر(8)
■■■■■
اكتفي بما ورد على امل نلتقي مجددا مع
3
من -- علم العروض في ضوء الدراسات الصوتية
الى -- صنعة الشعر في ضوء الدراسات النقدية لعلم اللسانيات
أ•د/نبيل العريقي
المحاضرة رقم 10
🔴🔴《《 الصور الشعرية 》》🔴🔴
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ثانيا -- أنماط الصور الشعرية :
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
2 -- نمط الصور الاستعارية :
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تعد الصورة الاستعارية ضربا من الخلق الفني من شانها ان تستثير المتلقي فتدفعه الى تلمس أوجه الارتباط بين《 المدلول القديم》 للألفاظ و《الجديد》 الذي يتولد منها ▪
ولذلك عدها نقادنا من افضل أنواع المجاز الذي يمثل محاسن الكلام إذا احسن استعمالها(1) •
حتى ان عبد القاهر الجرجاني اعجب بها وربما
فضلها على التشبيه بقوله :
{{ أعلم ان الاستعارة▪أمد ميدانا▪ و▪أشد افتنانا▪ و▪اوسع سعة▪ و▪ابعد غورا▪ و▪اذهب نجدا▪ في الصناعة الادبية وغورا من أن تجمع شعبها وشعوبها وتحصر فنونها -- ومن خصائصها انها تعطيك الكثر من المعاني حتى تخرج من الصدفة الواحدة عدة من الدرر وتجني من الغصن الواحد انواعا من الثمر وتجد التشبيهات عل الجملة غير معجبة ما لم تكنها ، ان شئت أرتك المعاني التي هي خبايا العقل كانها قد جسمت حتى راتها العيون }} (2)
فهي اذن -- تصويرية بطبيعتها لذلك فهي تختلف عما يسمى باللغة التجسيمية(3) •
أو تريك المعاني كانها قد جسمت حتى راتها العيون كما قال عبد القاهر الجرجاني •
وتعتمد الاستعارة على اللغة الإيحائية متجاوزة اللغة الدلالية لانها تنقل { العبارة عن موضع استعمالها في اصل اللغة الى غير الغرض}(3) •
فدلالة اللفظ فيها لا تتقيد بحدود معينة • كما انه في ضوء السياق الذي تتواشج فيه الألفاظ او ما يسمى (النظم) يحدث الاتحاد بين دلالة كل لفظة من الالفاظ •
ومن ثم تتوالد الاستعارة من اتحاد هذه الدلالات فتتشكل الصورة •
فالشاعر عندما (( يخلق استعارة اصلية يجسد شكلا قديما في مادة جديدة وهنا يكمن ابداعه الشعري )) (4) -- المصور بالكلمات وقد زخر الشعر العربي بالاستعارات • اذا اتخذ الشعراء من هذه الاستعارات وسائل لتشكيل صورهم الشعرية كاشفين من خلالها عن مشاعرهم وأحاسيسهم بازاء ما اعترضهم من مواقف انفعالية مختلفة •
ومن الصور الاستعارية قول عمرو بن معد كرب ساخرا من بني زياد (5)
((البحر الكامل))
أبني زياد أنتم من قومكم
ذنب ونحن أصول فرع طيب
لقد دفع الانفعال شاعرنا الى أحتقار هولاء القوم برسم صورة استعارية تصريحية عند استعار 《ذنب》 لمن ذمهم مدللا على نسبهم الوضيع تحقيرا لهم مصرحا بالمشبه به مع العلم ان دلالة هذه الصورة قد اتضحت من خلال اتيان الشاعر بجملتين شكلتا ثنائية ضدية بين هولاء القوم وقومه ذوي الاصل الطيب كما وصفهم •
وهذه صورة اخرة في معرض رثاء ملوك حمير رسمها احد شعراء بن سعد بن سعد الخولانيين ولم يرد اسمه مع جملة الشعراء الا نادرا جاعلا الشطر الأول كله استعارة تصريحية ومن الثاني استعارتين مكنيتين(6) •
((البحر الكامل))
كسفت نجوم من مقاول حمير
فينا وضاعت شمسها وبدورها
فالاستعارة التصريحية واضحة في قوله ((كسفت نجوم من مقاول حمير)) اذ شبه ملوك حمير الذين كانوا كالنجوم بجامع الشهرة والرفعة بكسوف هذه النجوم مصرح بالمشبه به معا على سبيل الاستعارة التصريحية ثم ردفها في الشطر الثاني باستعارة اخرى مكنية وهي قوله ((ضاعت شمسها وبدورها)) اذ شبه الشمس التى قصد بها ملوك حمير بشيء محسوس ملموس قد ضاع وحذف المشبه به وهو الشيء المحسوس الملموس وحاء بشيء من لوازمه وهو الضياع ومثله قوله (وبدورها) المعطوفة على ما قبلها وبذلك تشكلت اكثر من صورة جزئية نتيجة الاستعارات الثلاث ضمن صورة كلية هي صورة ملوك حمير •
الا ان كثيرا من الشعرأء شكلوا صورهم الشعرية باستعمال الاستعارات المكتية وهذه صورة شعرية اخرى في معرض المدح رسمها الشاعر حجية الكندي مستعملا اكثر من استعارة مكنية لتشكيل صورة متكاملة(7)
((البحر الطويل))
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت
لنورهم الشمس المنيرة والبدر'
لم يقتنع الشاعر باستعارة واحدة ليشكل منها صوره بل راح يعدد اﻹستعارات مستعرضا مقدرته التصويرية ففي قوله ((أضاءت لهم احسابهم)) استعارة مكنية شبه أحساب الممدوحين بمصابيح تضيء وحذف المشبه به وهو المصابيح وحاء بشء من لوازمه وهي الاضاءة على سبيل الاستعارة المكنية ومثلها بقوله ((تضاءلت الشمس)) حيث شبه الشمس بمصباح تضاءل نوره وكذلك في " البدر " المعطوف على الشمس • أن الصور الشعرية التي رسمها الشاعر بهذه الاستعارات اسهمت في تشخيص قوله " أضاءت " مما اكسب المعنى الذي تضمنه البيت بعدا دلاليا جديدا من خلال العلاقات اللغوية التي استطاع وضعها في قالب جديد اكدت ان الاستعارات وسيلة تنتقل فيها الكلمة من دلالتها الاصلية الى دلالة اخرى لا تتوافق معها الا بفعل تشبيه مضمر(8)
■■■■■
اكتفي بما ورد على امل نلتقي مجددا مع
3
تعليقات
إرسال تعليق